الخِطَابُ القَصَصِيُّ فِي كتَاب المَصُون فِي سِرِّ الهَوَى المَكْنُون

تَتجلَّى قيمةُ هذا البحثُ العلميّ أوّلا في طبيعة المَوضُوع المَدرُوس وخَصائص الإشكَاليّات المطرُوحة فالبحثُ يَتَعلّق بدرَاسَة مُصَنّف " المَصُون في سِرِّ الهَوَى المَكْنُون " لإبراهيم الحُصْري ، هذا الأثَرُ النّفيسُ الذي ذهب الأستاذ الشّاذلي بُويَحي إلى أنَّهُ " دراسةٌ تحليليّةٌ لِعاطفَة الحُبّ في مظَاهِرها وظُهورها عند العشّاق لاسيّما مَنْ أرَاد كَتْمها ومَن تغَافَل عنها ومَنْ أَبَى الاعترافَ بها ، فبَدت في سُلُوكهم من حيثُ يشْعرُون ولا يَشعُرون " وهذا ما يُؤكدُ بدون مُنَازع ثَراء الأبْعاد المضمونيّة والدّلاليّة والإبداعيّة للأثر الذي يَطرحُ إشكاليّة الحُبّ مفْهُومًا وإحساسًا وغريزةً وسُلوكًا ووظيفة اجتماعيّة ودلالة وجُوديّة وحكمة إلهيّة وسرًّا من أسرَار الكون ، وذلك من خلال رؤية موضُوعيّة مُتميّزة للكاتب تُناقضُ الكثيرَ من الآراء والمواقف التي تطعنُ في قيمة الحبّ والهَوى وترَى فيه إلغاءً للعقل وخُرُوجا عن القيم الدّينية ، وهنا تلتقي طرافةُ التفكير الحَداثي للحُصْري بِما ذهب إليه سبِينُوزَا (Spinoza)مِن أنّ المعرفة الحقيقيّة تنطلقُ من الهَوى (Passion) وأنّ الأهواء تَخضَع لقَوانين الطّبيعة وتلتَقي بما أكّدهُ جون جاك روسّو (J.J.Rousseau)مِنْ أنّ التّفاهُم مَدِينٌ كثيرًا للأهواء كما تلتقي بِمَا ذهبَ إليه هيجل (Hegel)مِن أنَّ الأشياءَ العظيمةَ لا تُنجزُ في العالَم بدون الهَوَى