يمكن القول إجمالا، إن التفكيك هو إفراز لمرحلة تاريخية معينة في مسيرة الفكر الغربي نتيجة طغيان النزعة العقلانية الإنسانوية. وهو بذلك أحد تجليات ما بعد الحداثة والتي هي باختصار نقد ورفض لقيم ومبادىء الحداثة التي دشنها عصر التنوير الأوربي. وقد ظل التفكيك يفرض سطوته على المشهد النقدي الأدبي وبعض الدوائر الأكاديمية في الجامعات الأمريكية طيلة حقبتي السبعينيات والثمانينات إلى أن بدأ نفوذه في الانحسار شيئا فشيئا مع نهاية عقد الثمانينات. فمنذ بداية تسعينيات القرن الماضي بدأ دريدا يتخلى رويدا رويدا عن الخط الراديكالي للتفكيك وأخذ يكتب ويتحدث عن أفكار ومفاهيم متعالية ذات تمركز لوغوسي بامتياز كفكرة العدل وبدأ يرد الاعتبار للتنوير الذي ما جاء التفكيك إلا لتقويض مبادئه. أما في العالم العربي فالأمر يدعو للتأمل إذ ينطوي على مفارقة جديره بالدراسة. ففي الوقت الذي كان فيه التفكيك في أوج عظمته كان المثقفون العرب في أوج فتنتهم بالبنيوية والتي لم يتعرفوا عليها إلا في الثمانينات أي بعد أن تم هجرها وصارت نسيا منسيا في الغرب. كذلك لم يتعرفوا على التفكيك على نطاق واسع إلا في مطالع التسعينيات. أي بعد أن بدأ نفوذه في الغرب في الانحسار فتحمسوا له بذات القدر الذي تحمسوا به للبنيوية دون أن ينتبهوا إلى تحولاته وتراجعاته. والبنيوية والتفكيك نقيضان.
تفاصيل الكتاب: |
|
ISBN-13: |
978-620-2-34822-5 |
ISBN-10: |
6202348224 |
EAN: |
9786202348225 |
لغة الكتاب: |
عربي |
By (author) : |
عبد المنعم عجب الفَيا |
عدد الصفحات: |
408 |
النشر في: |
02.02.2018 |
الصنف: |
Philosophy |