الرَّحْمةُ ودِلالاتُها في أدبِ الصَّحَابة

هذا بحثٌ عنوانه: (الرحمة ودلالاتها في أدب الصحابة)، انتهجتُ فيه المنهج التحليليَّ القائمَ على الاستقراء للنصوص الأدبيَّة الوارد فيها لفظُ (الرحمة) ومشتقاته من أدب الصحابة، ثم التحليل النقدي للمضمون والدلالات في سياقات تلك الألفاظ. وخُطَّة البحث تنطلقُ من فّنَّيْ الأدب الكبيريْن: الشعر والنثر، وما يتفرَّعُ عنهما من فنون. ففي الفنِّ الأول: (الشعر) سيرصد البحث مواطن ورود لفظ (الرحمة) ومشتقاته في هذا الشعر، وما لكل هذا من الدلالات والمعاني المختلفة. ونحن نجد هذا ابتداءً في شعر الرثاء على الخصوص، ولا سيَّما في مراثي الصحابة للنبي صلى الله عليه وسلم عند حسان بن ثابت، وصفية بنت عبد المطلب، وهي أكثرُ الصحابة طُرًّا استعمالًا لهذا النعت في مقام رثاء الرسول صلى الله عليه وسلم، ونجده أيضًا عند بعض الصحابة اليمنيّين، كذي الكَلاع الحِمْيَريّ، ومُرَّان بنِ ذي عُميرٍ الحِمْيَريّ. وهو موجودٌ في مواطنَ أخرى في غير رثاء النبي صلى الله عليه وسلم، وفي غير الرثاء من الأغراض الشعرية. أما الفنُّ الثاني، وهو (النثر)، فسوف يرصد البحثُ ورودَ لفظة (الرحمة)، ومشتقاتها، ودلالاتها في الألوان النثرية المختلفة، وأهمُّها: خطابةُ الصحابة رضي الله عنهم، ورسائلُهم، وعهودُهم إلى أهل البُلدان المفتتحة. وفي هذا الجانب -أعني النثر- يفيض أدبُهم بمعنى (الرحمة) ويكثر استعمالهم إيَّاه على وجوهٍ كثيرةٍ، ودِلالاتٍ مختلفة.