دلالات استدعاء الرمز الديني والتاريخي في الشعر الجزائري المعاصر

لقد كان الشعر الجزائري الحديث مع بداية القرن العشرين في مقدمة المقاومة ضد سياسة المحتل الفرنسي ، وشهد بفضل ذلك انتعاشا وحيويّة على مستويات اللغة والأسلوب والمضامين ، وتراوحت دلالات الشعر في هذه الفترة بين فعل الرفض والإصلاح والمقاومة وأحيانا اليأس والبكاء نتيجة تصلُّب الآخر المستبد. لقد كان لمحطّات المقاومة انعكاسها في تحديد الدلالات الرمزية للشعر الجزائري الحديث ليتوقف عند دلالة الرفض والمقاومة في إطار نسقية مُغْلقة لعمود الشعر ومحاولات جديدة لنسقية مفتوحة متأثرة برياح التجديد التي عرفها الشعر العربي.ويركز هذا المؤلّف بالدراسة والتحليل على الدلالات الرمزية للتوظيف التاريخي والديني في الشعر الجزائري المعاصر من خلال رمزية المكان والشخصية.ويعدَّ التوظيف الرمزي للأمكنة التاريخية في المتن الشعري الجزائري ظاهرة فنية جديدة لما تحمله من خصوبة فكرية ومرجعية ثقافية تجسد حقيقة الواقع الذي يعيشه الشاعر. لقد اهتم الشعر الجزائري بتوظيف المكان التاريخي لتميزه بالأبعاد الثقافية الوطنية والقومية ، ولما يحمله من بُعْدٍ جمالي أعطى للشعر آفاقا مفتوحة للقراءة والتأويل.كما استدعى الشعر الجزائري المعاصر الشخصيات التراثية التاريخية كمعادلات موضوعية لتجسيد ما يعيشه الشاعر في واقعه، مدركا ثراء التراث بإمكانات جمالية فنية ودلالات رمزية تجعل الماضي معينا معبِّرا عن تجربته في حاضره، ومُعبِّرا حيًّا عن واقعه.