المسؤوليـة المدنيـة لمـأموري الشهـر العقـاري والدولـة

المسؤولية بمفهومها العام, هي حالة الشخص الذي يرتكب أمرًا, يستوجب المؤاخذة عليه. والموظف العام الذي ينجم عنه الأفعال الضارة, يكون مسئولًا عن تلك الأفعال التي تلحق بالغير, ومن ثمّ يلتزم بالتعويض.وتتبوأ قواعد المسؤولیة المدنیة, من حيث تكییف طبیعتها, وبیان أساسها مركزًا مرموقًا في النظام القانوني. فهي كما یرى - بحق- كثیر من الفقهاء "نقطة الارتكاز" في الفلسفة التشریعیة للقانون المدني بأسره.وإذا كانت مزاولة المهن مكفولة بمقتضى القوانین, لكونها نتیجة طبیعیة للحریة الشخصیة, إلا أن ذلك لا یعني إطلاقها دون ضوابط, أو قیود, لأن مزاولة المهنة قد تفرض على صاحبها القیام بنشاط معين, ویحدث أن یكون هذا النشاط ضارًا بالغیر مما یستوجب التعویض عنه. وهذا الأمر استلزم وضع قواعد قانونیة ملزمة وآمرة تعمل على تنظیم سلوك من يزاول هذه المهنة وتحدد علاقته بالغیر, وترتب مسؤولیته عند مخالفته لتلك القواعد القانونیة.وبالرغم من أهمیة المسؤولیة المدنیة للمهنیین بصورة عامة ومسؤولیة مأموري الشهر العقاري بصفة خاصة, فإن نصوص القانون المنظم لإحكام الشهر العقاري والتوثيق والسجل العيني, وكذا نصوص القانون المدني المصري, وكذلك أغلب القوانين المقارنة, لم تضع أحكام تنظم هذه المسؤولية بصورة خاصة, وإنما أخضعتها للقواعد العامة في المسؤولیة المدنیة.