ابن حبان بين التشدد والتساهل في نقد الرجال

الحمد لله رب العالمين ، والصلاة والسلام على سيد المرسلين، وعلى آله وصحبه أجمعين، ومن تبعهم بإيمان وإحسان إلى يوم الدين، أما بعد: فإن ابن حبان البستي صاحب كتاب (الصحيح) وكتابي (المجروحين)و(الثقات) وغير ذلك من الكتب النافعة ممن اختلفت اللأمة في قبول جرحه وتعديله فقد شاع بين علماء الأمة الإسلامية أنه متساهل في توثيقه فلا يُلتفتُ إلى توثيقه إذا انفرد، فكان يعدِّل بعدم ثبوت الجرح، وهو منهج انفرد به عن غيره. وكذلك شاع بينهم أنه متشدد في جرحه إذا جرح، فلا يُعبأ بجرحه إذا انفرد، فكان يجرح بما لا يُعدُّ جرحا عند غيره. لكن نفسي لم تطمئن لكل ذلك لثقتي أنَّ ابن حبان بوصفه واحداَ من علماء الأمة الكبار لا يمكن أن يغرِّدَ خارج السِّرب، فنظرت في كتاب الثقات وكتاب المجروحين، وأمعنت النظر في حال مَن وثَّقهم وحال مَن جرَّحهم فوجدته لا يخرج في أحكامه عن جمهور علماء الجرح والتعديل، فأردتُ أنْ أثبتَ ذلك فعمدت إلى القيام بدراسة تطبيقية في كتابيه الثقات والمجروحين، ودراسة أحوال رجال المجرّحين والمعدَّلين لا على التعيين فكانت النتيجة مثلما توقعت مسبقا، فسجلت ذلك في هذا الكتاب الذي أقدمه للقراء الكرام. ولا يفوتني أنْ أتقدم بالشكر والعرفان لمؤسسة نور نشر على قيامها بطبع ونشر هذا الكتاب فلهم مني جزيل الشكر والامتنان