اللغة العربية وهوية الأمة في مواجهة تحديات العولمة

كان للغة العربية فضل تشكيل هوية الأمة العربية وصونها، إذ أسهمت في التفتح على الثقافات السابقة والمعاصرة، فأضحت بذلك هوية عالمية يتسابق لها من يدرك عظمتها وأهميتها الذي يحفظ كيان الفرد والمجتمع. من هنا تبدو الأهمية الكبرى في الحفاظ على اللغة العربية والعمل على نشرها وتعليمها حتى لغير الناطقين بها، فهي لغة التعلم والتعليم في المدارس، ولغة الكتب والمجلات، ونشرات الأخبار، والمؤتمرات، والمناظرات والخطابة، لذا فإن إتقانها تحدثًا وقراءةً وكتابةً ضروري من أجل التماسك الثقافي للأمة العربية. وتواجه اللغة العربية اليوم تحديات كثيرة تعيقها عن مسايرة الثورة العلمية للتقنيات الحديثة الهائلة التي عرفها العالم في مجال تكنولوجيا المعلومات الرقمية، على الرغم من أن العجز في هذا الأمر ليس بنيويا كونها تتمتع بمؤهلات مكّنتها من الخلود بعيدًا عن الاضمحلال الذي أصاب غيرها من اللغات ، لعل ذلك يتجلى بغنى معاجمها اللغوية. فهي تتعرض لهجمات وأخطار داخلية وخارجية تحاول تغيير ملامحها واستبدالها بشبح مختلق يطوف العالم بحثاً عن هوية له و زي يستر جسده العاري بعد تجرده عن زينته التي كان يتفاخر ويسود بها ، وتكمن الإشكالية في تقبل أبنائها لمثل هذا التهديد بحجة التقدم ومواكبة العصر . إن محاولة هذا الكتاب ليست إلا لبنة لتأسيس ما يحفظ للعربية مكانتها ويبيّن الثراء الفكري والوجه الناصع لها الذي حفظت به الهوية العربية.