العقائد الأخروية فى العهد القديم

يعتبر الفكر الأخروي اليهودى من أكثر الأفكار غموضا فى تاريخ الديانة اليهودية، فأسفار التوراة فى صورتها الحالية لا تعطى تصورا واضحا عن هذه الأفكار بل اقتصرت فى رؤيتها الأخروية على الحديث عن أفكار تتعلق بمستقبل جماعة بنى إسرائيل القريب مثل فكرة الوعد بامتلاك أرض فلسطين والبركة بزيادة النسل فى حين أنها لم تطور أفكارا خاصة بالفرد وبمفهومي الثواب والعقاب عن الأفعال الإنسانية. وقد كان لخلو أسفار التوراة من الحديث عن المفاهيم الأخروية أثرا سلبيا على البناء العقدى للديانة اليهودية فى مرحلة متأخرة من تاريخها، وهو الأمر الذي دفع فقهاء اليهود إلى تأويل نصوص التوراة لإثبات بعض المفاهيم الأخروية مثل عقيدة البعث التى لم تظهر إلا فى فترة متأخرة. وتمثل دراسة الفكر الأخروي عقبة أمام الباحث فى الديانة اليهودية، ويرجع ذلك إلى عدة صعوبات تتعلق بطبيعة هذا الفكر، وأول هذه الصعوبات تحديد هوية هذا الفكر فهل هو فكر أخروى أصيل نابع من داخل الديانة اليهودية أم أنه فكر مستعار من أديان الشعوب التى عاش بنو إسرائيل بين ظهرانيهم؟ وهل هو فكر أخروى يقع خارج دائرة الزمان والمكان أم انه يشير إلى مرحلة تاريخية تليها مرحلة أخرى؟