التّعقيبات القرآنية

يمثّل التّعقيب في كتاب الله تعالى جزءاً مهمّا من الآية الكريمة يُراد به زيادة في البيان وتحقيق بعض أغراض الخطاب من الثّناء على الله تعالى، وأمره ونهيه، ووعده ووعيده ومدحه وذمّه. كما يُراد به أيضاً توقيع الآيات الكريمة بما يناسب السّياق من جرس ويتّفق مع ما أجراه الله تعالى على كلامه من حكمة التّرتيل، ولذلك فإن أسلوب التّعقيب يجمع بين قوة الدّلالة وجمال الإيقاع ، وهو من النّاحية الكمّية واحدٌ من أظهر أساليب القرآن، ويدلّ على ذلك حضوره المتميّز في ثلث آياته الكريمة. ورغم هذه الأهمية البالغة وهذا الحضور الاستثنائي إلاّ أنّ أسلوب التّعقيب لم يحظ بقدر من العناية الكافية، ولعلّ ذلك مما يزيد من قيمة هذه الدراسة التي تأتي استجابة لهذه الحاجة المُلِحَّة، وهي في ذلك تتناول هذه الظّاهرة الأسلوبية في كتاب الله تعالى كلّه بدءاً بالتأسيس للمفهوم، واستقصائه في الدّراسات القرآنية وكتب التّفسير، ثمّ تسعى لوصف أشكال التّعقيب وتصنيفها تصنيفاً شاملاً يقوم على معايير خاصّة، كما تجتهد بعد ذلك في الكشف عن الأغراض البلاغية التي يسعى الخطاب القرآني لتحقيقها من خلال التّوظيف المكثّف لهذا الأسلوب. وهي في ذلك تتّكئ على منهج يقوم على الجمع بين الوصف والتّحليل.