الاستحسان المقاصدي

إن علم الأصول علم لا غنى عنه لأي فقيه أو متفقه ، عالم أو متعلم ، ليزوده بنظريات المجتهدين ، ويدربه على فقه الأحكام ، ويعرفه على مناهج الاستنباط ، فيجد فيه المتعة العقلية ويجعله يطلع على آفاق الشريعة ومفاتيحها وقواعدها الكلية والجزئية ، وإدراك المصالح والمباني التي قامت عليها الشريعة . والاستحسان جزء من هذا العلم ، وهو مصدرٌمن مصادر التشريع التبعية ، أخذ به الحنفية وشايعهم المالكية والحنابلة ، وخالفهم الشافعية في الاستدلال به . والأخذ بالاستحسان أخذ بروح الشريعة ومقاصدها ، وهو ما يسميه فقهاء القانون المعاصرون الجنوح إلى روح العدالة والأخذ بروح القانون وقواعده العامة ، وقد سبق الفقه الإسلامي القانون الوضعي بهذا المبدأ الفريد بقرون طويلة . تحدثت في المبحث الأول من هذاالبحث عن تعريف الاستحسان لغة واصطلاحاً وعلاقته بمقاصد الشريعة ، ثم ذكرت ضوابطه ، ومذاهب العلماء في العمل به ، والرأي الراجح في حجيته ، ثم بينت أنواع الاستحسان عند العلماء وأمثلتها بالتفصيل . وفي المبحث الثاني : ذكرت مجموعة من المسائل المعاصرة المخرجة على مبدأ الاستحسان في المجال الطبي ومجال المعاملات المالية ، ومن هذه المسائل : زراعة الأعضاء ، والجراحة التجميلية ، والتلقيح الصناعي ، وتشريح جثث الموتى ،و بعض صور عقد السلم والاستصناع و الوقف ، وحكم التعاقد باستخدام وسائل الاتصال الحديثة .