الورق ومواد الكتابة

لقد عمد الإنسان منذ ظهوره على الأرض إلى تدوين ملاحظاته، وأفكاره، وتجاربه، بل حتى فنونه، وآدابه بكل الوسائل الممكنة والمتاحة، لذا فقد ظهرت حاجة الإنسان مبكرا لوسيلة للتدوين يستطيع من خلالها التعبير عن نفسه ونقل تجاربه للآخرين وتوفير وسيلة اتصال مدونة ومفهومة بينه وبين أبناء جنسه، فاجتهد في التوصل لطريقة كتابة توفر له ما يصبو إليه، ومن هنا فقد اتفق الباحثون على أن "ظهور الكتابة هو الحد الذي يعين بداية التاريخ، تلك البداية التي يتراجع عهدها كلما اتسعت معارف الإنسان بآثار الأولين " وهذا إقرار واضح وصريح بالأهمية الكبرى للكتابة في الحضارة الإنسانية. ولقد مثل توفير مواد الكتابة وأدواتها التحدي الأكبر أمام مسيرة الإنسان المعرفية عبر تاريخه، ففي مجال مواد الكتابة أبدع البشر وتفننوا في خلق مواد قابلة للكتابة عليها وصالحة للتدوين وحمل العلم البشري ومقاومة للتلف والتزييف عبر العصور فاستخدموا جلود الحيوانات والحجارة والألواح الخشبية والمعدنية والطينية وأوراق النباتات والبردي كمواد للكتابة لقرون عديدة. وفي الأخير توصل البشر لصناعة الورق واستخدموه كمادة رئيسة للكتابة، حيث مثل الورق المادة التي تكفلت بحفظ الإنتاج الفكري ونقله من جيل إلى جيل لقرون مضت، ومما لاريب فيه أن صناعة الورق مثلت نقلة كبيرة في تاريخ البشرية حيث سهلت التأليف، والنسخ، وحفظ الإنتاج الفكري ونشره كما لم تفعل مادة كتابة من قبله.