الحرب في عالم حنّا مينه الرّوائي

نعم ندرك يقينا أنّ الحروب لن تتوقّف وستتواصل بأنساق مخاتلة تشعلها نرجسيّة الاختلاف وحب السّيطرة، وسيبقى العالم العربي والإسلامي -فيما يبدو- أفضل مسرح لهذه الحروب، خاصّة منطقة الشّرق الأوسط البؤرة الأكثر توتّرا وخطرا نتيجة أبعادها الاقتصاديّة، وحتّى الجيوبوليتيكيّة الّتي جعلتها حلبة للتّنافس الدّولي الرّهيب، وبالطّبع سيكون المنتفعون من هذه الحروب هم أولئك الّذين لا يتكبّدون عناء خوضها، وإنّما سيكتفون كالعادة بالاصطياد في المياه العكرة، وأمّا الّذين سيشرفون عليها فلن يريعهم حجم ما سيقترفون. حاول مينه رغم مأساويّة نسقه العام تقديم صورة متفائلة وواعدة بغد أكثر إشراقا يتعايش فيه الجميع إخوانا بين حنايا عالم يعبق بنسيم الحريّة والسّلام، ويغيب فيه هوس الحروب وهذيانها الّذي طالما سكن القلوب قبل العقول الرّاغبة دوما في التّملّك وحبّ السّيطرة ولاتزال، فهل تراها رؤيا تتحقّق وحلم يتجسّد في ظل عالم بات حضور الحرب فيه مواز للهواء والطّعام، والشّراب؟ ومادام غيابها مستحيلا وحضورها ضروري وحتمي، فليعمل مزكّوا نيرانها والمتعطّشون لرمادها البشري على تقنينها، فقد بتنا نعي أنّ لحظات الأمان شحيحة في هذا العالم، وأنّ طريق البشريّة إلى الحق والعدالة طويل وإلى مطلب السّلام أطول، أمر وأشق.