هيرودوت والعرب

مما يشاع عن هيرودوت، أنه كان واسع الأسفار ما بين 450 و 420 قبل الميلاد، وقد ثبت ذلك في فصول كتابه "Historiai" وبالإغريقية (Ἱστορίαι). ولا يستطيع الباحث أن يؤكد للقارئ أن هيرودوت مرّ بجميع ممالك ودول الجزيرة العربية وأنه خبر وبشكل جيد مدنا وأقواماً من تلك الأصقاع التي مر بها وشاهدها ووصفها على حد زعمه. فوجدنا بعد التحقق، الكثير من المعلومات التي كانت ضبابية ومزيفة، أعطتنا الكتابات المسمارية في وقتنا الحاضر معلومات هائلة ومؤكدة لا يمكن التشكيك بصحتها تدحض ما أورده هيرودوت، فكانت هذه الكتابات مفتاح الأمان للاطلاع على معلومات وافية ودقيقة، نسيها أو تناساها هيرودوت، وكان من المفترض أن يدونها في كتابه لما لها من أهمية تاريخية وحضارية. وتقتضي منهجية البحث بالتحقيق والمقارنة والمقاربة أن نعتمد نسخة موثقة من الكتاب، فوقع اختيارنا بالمجمل على ترجمة دقيقة ومراجعة وتدقيق وتقديم أكثر دقة، إضافة إلى اطلاعنا على ترجمات عدة لكتاب هيرودوت وعقد المقارنة مع النسخ إذا ما تطلب الأمر في الوقوف على عدم فهم وإشكال بعض الفقرات والرجوع للنسخ الأخرى. وقد وقع الاتفاق مع ما ذهبت إليه ترجمة عربية رصينة في تسمية كتاب هيرودوت بـ "التواريخ" أو "الاستقصاء" وفق أربعة مباحث مقسمة إلى عناصر رئيسية وفرعية ناقشت كتابات هيرودوت وردَت عليها بمعلومات من الكتابات المسمارية والأدلة الأثرية فكانت النتيجة أن عليه أكثر مما له.