السخرية في النص المسرحي العربي

مقدمة : المسرح كان وما يزال تلك المرآة التي تعكس الواقع الإنساني المعاش من دون رتوش ، لأنه فن إنساني بالدرجة الأساسية . فالإنسان المثقل بالهموم الناتجة عن الواقع السياسي والاقتصادي والاجتماعي غير الطبيعي يقبل على المسرح الذي يعبر عن همومه ، المسرح العاري من التزويق والصارم كالسيف أمام الحقيقة ، آملاً أن يقدم له ما يعينه على الخلاص من هذه الهموم ، أو ينفس عن الضغوط التي تواجهه . وفي ظل ظروف الاغتراب والإحباط والهزائم والقهر يجد الإنسان نفسه يقتحم كل ما هو مرفوض بصيغة محرم ارضي وإن لم يكن سماوياً آملاً أن يجد له مخلصاً مما يعانيه . لذلك فقد وجد الكاتب المسرحي العربي في السخرية وسيلة للتعبير عن تلك الآراء والمواقف ، ورسالة مشفّرة يرسلها إلى من يريد متى يشاء ، وسلاح - وان كان سلاحاً ضعيفاً بنظر القوي - موجه نحوه من دون خسائر مادية . إن صرامة القوة التي يحملها صدق المسرح - وخصوصاً المسرح الساخر - تشكل عاملاً مهماً في التعبير عن المواقف ، وأسلوباً في الهجوم والرفض ، وهو أسلوب لا يبعث على الفكاهة والضحك فحسب ، بل أسلوب يجعل المتلقي في حالة من التوتر الشديد الذي يقاسي فيه الحزن بلا دموع ، والسخرية بلا ضحك ، وكما يقول أحد الباحثين المعاصرين :" إن الحياة بغير ضحك عبء ثقيل لا يُحْتَمل ، وهي بغير سخرية تثير الضحك جافَّةٌ مُمِلّة مملولة . وسبب هذا أنها ملأى بالمشقات والمتاعب والآلام ، والسخرية