رسائل إخوان الصفاء و خلان الوفاء إشكالية التأليف

لم تظهر حقيقة إخوان الصّفاء حتى الآن، فبين الحقيقة وبين ما توهّمنا أنّها الحقيقة خرق القتاد، كما يقولون، لكن هذا لا يعني الغرق الكليّ في هذا النّفق ، أو تحويله إلى أحجيةٍ، سواء في موضوعه أم في هُويّته. وإذا تأملنا إخوان الصّفاء في المصادر التّاريخيّة تُهنا وضِعنا، فقد أصبحت هويّة إخوان الصّفاء عائقاً أساسيّاً، دفعت الكثيرين إلى التّشبّث بأضعف الحلقات وأسهلها، فبدلاً من الانطلاق من نصوص الرّسائل في كلّ دراسةٍ، نجد الدّراسات تدور في فلك الروايات التّاريخيّة المحنّطة، هذه الرّوايات الّتي تتقاذف الحقيقة قبل أن تتقاذف القارئ. وأوّل المصادر التّاريخيّة الّتي تحدثت عن إخوان الصّفاء كان الإمتاع والمؤانسة للتوحيديّ، ثمّ نُقلت روايته مع بعض محاولات التّفسير في عددٍ من المصادر اللّاحقة له. وهذه الرّوايات التاريخيّة مهما كانت لها وشائجُ مع النّصّ إلّا أنَّها تبقى خارجة عنه، فهي على ما يشوب مصداقيّتها ليست إلّا انطباعات كتّابٍ؛ ربّما انحازوا إلى رؤيةٍ معيّنةٍ دون غيرها، وقد يعملون على إيهامنا بالمصداقّية رغم افتقادهم لها. فلا أُبرِّئُهم من هذا الشّكّ، ولا أتبرّأ منه.