الأدبي واللاأدبي

تقديم إعداد: الدكتور البشير الوسلاتي:- ما انفكّت الكتابة الرّوائيّة تحفّز القرّاء على تدبّر أسرارها وفكّ مغالقها بفضل ما تزخر به من جماليّة سرديّة وصبغة فعليّة حكائيّة وتنوّع في طرائق القصّ وصياغاته البنائيّة، وما تعالجه من قضايا شائكة ساخنة متعدّدة الدّلالات والأبعاد والتصوّرات ووجهات النّظر. ويعتبر مبدأ التّقابل الشّكلي والمعنوي من أجلى المسالك الفنيّة المعتمدة لدى الرّوائيين في حبك النّسيج القصصي وتشكيل العناصر السّرديّة. فهو قائم في بناء الشّخصيّات والفضاءات والأحداث والأوصاف وغيرها... حتّى إنّه من فرط حضوره وبسط سلطانه لا نعدم رصده في لغة القصّ ذاتها، فإذا هي تنهل من السّجلات اللّفظيّة المتاحة في جدول الاختيار والمستخدمة في جدول التّوزيع. وتعدّ مسألة الأدبي واللاأدبي من بين الثّنائيّات المتقابلة المجتملة والرّاسخة في الخطاب الرّوائي. ولهذه الثّنائيّة مرادفات أخرى نحو الواقعي والمتخيّل، والتّوثيقي والأدبي، والفنّي والتّاريخي، والإنشائي واللاإنشائي... وغير ذلك ممّا يشكّل قطبين متباعدين إشكاليين. والذي جعل الخطاب الرّوائي حاضنا مثل هذه المسائل إنّما مردّه إلى ميزة التّعدذد التي يتّسم بها. وهي ميزة من الخاصيّات الواسمة لجنس الرّواية على النّحو الذي أكّده نقّاد هذا النّوع من الكتابة القصصيّة واتّفقوا في الإجماع عليه.