الأدلة والحجج العقائدية عند الأمام التفتازاني

فإنَّ موضوع الأدلة والحجج من الموضوعات المهمة جداً لما له من أثر منهجي مهم جداً في الوصول إلى الحقائق، وإثبات صحة الاختيارات وإبطال أقوال المخالفين،.وقد أولاه النظَّارُ المسلمون من علماء المنقول والمعقول _ رحمهم الله_ أهمية كبرى، وأفردوه بالتصانيف الجليلة على اختلاف مذاهبهم، وهم في كل صنيعهم ينطلقون من نظرية منهجية متقنة تقوم على حقيقة مفادها بأنَّ النظر الفكري ينبغي أَنْ يكون منضبطا بضوابط صارمة تعصم الذهن من عوارض الخطأ والتيه؛ فلا مسامحة في المنهج؛ إذ به يتوصل إلى الحقائق التي هي مراد الله عزَّ وجلَّ ومرضاته في العاجل والآجل. وممَّا هو مسَلَّم به أَنَّ شرف العلم تابع لشرف المعلوم وما يبحث فيه، وبما أَنَّ علم العقيدة يبحث فيما يستحقه ربنُّا سبحانه وتعالى من أسماء وصفات، وتوحيد في العبادة، وإفراد في الذات، وما يتعلق بمن بعثهم من الأَنبياء والرسل عليهم أفضل الصلوات وأتمُّ التسليم، وما ينبغي للعبد أَنْ يعقد عليه قلبه ممَّا ورد من أخبار الغيبيات، فلا شك أنًّها أشرف العلوم وأعلاها، ومنها تستقى المعارف وإليها منتهاها، وقد بيّن النبيُّ(  ) أمور العقيدة للصحابة الكرام))، وهم بدورهم تَحملوها وبلّغوها إلى من بعدهم مِن التابعين، وهكذا يحمل هذا العلم من كل خلف عدوله ينفون عنه تحريف الغالين، وانتحال المبطلين، وتأويل الجاهلين