الأسس الإبستيمولوجيّة لبحوث ابن الهيثم وكشوفه العلميّة

قد لا يكون المدخل لهذه الإشكاليّة التي تستهدف النّظر فيما يُميّز الدّرب الذي سلكه ابن الهيثم والنّهج الذي انتهجه في بحوثه العلمية، مدخلا بديهيا. فقلّ من ربط بين النّتائج التي توصّل إليها صاحب المناظر في أعماله، وما اصطلح على تسميته محقق كتاب الشكوك على بطلميوس ب"عقيدة ابن الهيثم العلمية". ذلك أنّ الثورة التي حصلت مع ابن الهيثم في علم البصريات لم تكن لتحصل لو لم يصاحبها تحوّل في القيم المعرفيّة، وسبل إنتاج المعرفة وشروطها، وأولويات الفعل المعرفي. في أفق هذا الضرب من النّظر، سنحاول إذن مساءلة خصائص مغامرة ابن الهيثم مع التّحصيل والإبداع، والتساؤل عن الحافز النّظري (نمط الإنتاج النّظري) الذي يخصّ مقتضيات المعرفة وشروط إمكانها، وسبل تحصيلها في خضمّ قوله. وكلّ ذلك من أجل فهم العوامل الموضوعيّة التى صاحبت وعي ابن الهيثم ونهضت بفكره في مراحل تشكّله وتطوّره.