فالغرض الأول للأدب والفنون هو أن تخلق للنفس دنيا المعاني الملائمة لتلك النزعة الثابتة فيها إلى المجهول وإلى مجاز الحقيقة وأن يلقي الأسرار في الأمور المكشوفة بما يتخيل فيها ويرد القليل من الحياة كثيرًا وافيًا بما يضاعف من معانيه ويترك الماضي منها ثابتًا قارًا بما يخلد من وصفه ويجعل المؤلم منها لذًّا خفيفًا بما يثبث فيه من العاطفة والمملول ممتعًا حلوًا بما يكشف فيه من الجمال والحكمة ومدار ذلك كله على إيتاء النفس لذة المجهول التي هي في نفسها لذة مجهولة أيضًا فان هذه النفس طلعة متقلبة لا تبتغي مجهولًا صرفًا ولا معلومًا صرفًا كأنها مدركة بفطرتها أن ليس في الكون صريح مطلق ولا خفي مطلق وإنما تبتغي حالة ملائمة بين هذين يثور فيها قلق أو يسكن منها قلق وأشواق النفس هي مادة الأدب فليس يكون أدبًا إلا إذا وضع المعنى في الحياة فليس يكون أدبًا إلا إذا وضع المعنى في الحياة التي ليس لها معنى أو كان متصلًا بسر هذه الحياة فيكشف عنه أو يومئ إليه من قريب أو غيَّر للنفس هذه الحياة تغييرًا يجيء طباقًا لغرضها وأشواقها فانه كما يرحل الإنسان من جو إلى جو غيره ينقله الأدب من حياته التي لا تختلف إلى حياة أخرى فيها شعورها ولذتها وإن لم يكن لها مكان ولا زمان حياة كملت فيها أشواق النفس لأن فيها اللذات والآلام بغير ضرورات ولا تكاليف ولعمري ما جاءت الجنة والنار في الاديان عبثا.
تفاصيل الكتاب: |
|
ISBN-13: |
978-620-0-77582-5 |
ISBN-10: |
6200775826 |
EAN: |
9786200775825 |
لغة الكتاب: |
عربي |
By (author) : |
مصطفى محمد لطفى القطان |
عدد الصفحات: |
144 |
النشر في: |
14.04.2020 |
الصنف: |
Other |