الشعر الجاهلي

يستبطن الشعر الجاهلي التجارب الانسانية العميقة ، ويكشف عنها من خلال التشكيل اللغوي الذي يتميز بمزاياه وخصائصه ، ولقد كان مفيدا ان نقدم لهذا الشعر وجوده التاريخي والاجتماعي، اذ لا يصح ان ندرس نصا شعريا ولسنا متأكدين من وجوده الحقيقي ، وانه قد ابدعه شعراء حقيقيون عاشوا في مرحلة تاريخية محددة ، كذا الامر يتصل بالسياقات الاجتماعية التي ابدع فيها هذا الشعر .اذ انه ليس صحيحا ان يكون نصا بلا سياق . ان بحثنا لم تستهلكه الدراسة التاريخية ، اذ هذا ليس من شأننا الا بمقدار ما يساعدنا في الكشف عن النص الشعري واهمية وجوده ، لان هدفنا الحقيقي هو الكشف عن قضايا الشعر وظواهره ، وكان الدرس التحليلي هو الغاية والمعيار في آن واحد . وانه من المستحيل الاحاطة بكل التجارب الانسانية في الشعر الجاهلي ، غير ان ما تم التأكيد عليه انه يكشف عن رؤى متعارضة واساليب متغايرة ، يكتنفها هذا النص العميق الذي نطلق عليه الشعر الجاهلي . فلقد كان يعبر عن حالات عابثة مرة وبطولات فردية مرة اخرى ، واجتماعية مرة ثالثة ، مع الاخذ بعين الاعتبار الكشف عن حالات التشظي التي عانى منها الشاعر العابث والشاعر الصعلوك وحالات الاندماج الاجتماع القبلي .وكشف هذا الكتاب عنتصورات للحياة والموت والخصب والنماء ، كما انه كشف عن جوانب بالغة الاهمية عن القيم الفنية والمعرفية في الصورة والايقاع وغيرهما