التدين وعلاقته بكل من التّفكّر وفاعلية الذات لدى مرضى القلب

التدين إذا عنصر ضروري لتكميل القوة النظرية في الإنسان؛ فبه وحده يجد العقل ما يشبع نهمته، ومن دونه لا يحقق مطامحه العليا، ثم هو فوق ذلك عنصر ضروري أيضا لتكميل قوة الوجدان؛ فالعواطف النبيلة من الحب، الشوق، الشكر، التواضع، الحياء، والأمل، تجد في موضوع التدين مجالا واسعا لا يدرك غايته، ومنهلا لا ينفد معينه، وأخيرا هو عنصر ضروري لتكميل قوة الإرادة يمدها بأعظم البواعث والدوافع، ويدرّعها بأكبر الوسائل المقاومة لعوامل اليأس والقنوط. (دراز، د. ت.، ص ص. 97-98). وهذه القوى الثلاثة لا تستقيم إلا بالتفكر، لأن ما يفكر فيه الإنسان ويشعر به، ويتفاعل معه، ويدركه على المستوى الشعوري، هو الذي يشكل تصوراته للحياة، ويبني عقائده وقيمه، ويوجه تصرفاته الداخلية والخارجية، السوية منها والشاذة. وهذه الأفكار والمشاعر والأفعال لا يمكن تنظيمها ذاتيا إلا بواسطة فاعلية الذات، لأن فاعلية الذات نمط مكتسب لطريقة التفكير يبدأ منذ الطفولة ويستمر خلال مختلف مراحل الحياة، والقدرة على إدارة الذات تعد الأساس لأي نشاط معرفي هادف يقوم به الفرد لتحقيق ذاته وأهدافه وحاجاته. وتلك المتغيرات الثلاثة (التدين، التفكر، فاعلية الذات) يستطيع الباحث النفسي دراستها ليس من أجل التدليل على مصداقيتها من عدمها، بل من أجل ارتباطها بجوانب النفس البشرية، وهذا الارتباط هو الذي دفع الباحث لدراسة موضوع التدين وعلاقته بكل من التفكر وفاعلية الذات.