درة الاكليل في تتمة التذييل

كانت بدايات التدوين الأولى في أخبار المدن قد انطلقت من اعتبارات دينية، فابن زُبالة عندما ألَّف كتابه "أخبار المدينة" صنَّفه لأنها دار هجرة الرسول – صلَّى الله عليه وسلم- ومسرح نشاطه الديني والعسكري والسياسي. ومن المنظور نفسه ألَّف الأزرقي كتابه " أخبار مكة ". إلا أنه وبمرور الوقت لم يعد الدافع الديني السبب المباشر الذي دفع بالمؤرخين للتصنيف في تاريخ مدنهم. فقد استجدت أسباب أخرى كانت وراء هذا التطور، أهمها التحولات السياسية التي شهدها العالم الإسلامي منذ القرن الثالث الهجري، والمتمثلة بحالة التمزق السّياسي التي حلّت به، فبدأت النّزعة الإقليمية والرّغبة الاستقلالية من قبل بعض الولاة تبرز فوق سطح الأحداث. وكانت العصبية للمدينة عاملًا آخر ساعد على هذا التطور. أشار الجاحظ إلى هذا الأمر بوضوح في رسالته " الحنين إلى الأوطان". كانت مدينة بغداد من المدن التي حظيت باهتمام المؤرخين، وخاصة الخطيب البغدادي الذي صنَف " تاريخ مدينة السلام بغداد" . ثم توالت المصنفات في تاريخ بغداد والتي عرفت بالذيول منها ذيل ابن النجار وذيل ابن الدبيثي، وكذلك "درة الاكليل في تتمة التذييل"، لابن القطيعي.