قصة الخيال في تاريخ الفلسفة

ومن الفلاسفة الذين حاولوا استعادة قيمة الخيال في الفلسفة، الفيلسوف الفرنسي بول ريكور ممارسا لنوع من التفكير المزدوج في الفلسفة. التفكير بواسطة العقل والخيال معا ، لقد أكد أن الانسان لا يحتاج إلى الطعام والتقنية فقط بل يحتاج أيضا إلى المعنى ومسكن للكينونة ، ولما كانت الحضارة المعاصرة التي تلفها وتحيط بها التقنية من كل جانب، لم تجد حلا لأزمة الكائن المتمثلة في القلق والكآبة ومآسي الحياة وانسدادا في المصير، فإنه لا مخرج من هذه الحالة إلا إذا تمت استعادة البعد المغمور والمطمور من الإنسان، استعادة البعد الذي تم تجاهله وتناسيه منذ بدء ميلاد الحداثة، يتعلق الأمر بالخيال الإنساني في أشكاله المختلفة :الرمزوالاسطورة والأدب والإستعارة وتوظيفيه ليكون عين وبصر الكائن لعيش الواقع على نحو مختلف ورؤيته من زوايا مختلفة ، بل ويكون فضاء لخلق إقامة وسكنى خياليين ضمن العقل التقني في ظل الرأسمالية الربحية. ويمكن بهذا الإنسان من بسط ممكناته العقلية والفعلية ويتجاوز بالتالي: الوجود النمطي الآلي والروح الاستهلاكية للحضارة المعاصرة ، ويعني هذا أن ريكور يحاول أن يفكر في الفلسفة بواسطة الخيال والاستدلال معا، وأن يري بوساطة الخيال ما لم يستطع عليه العقل أن يصل إليه بواسطة استدلالاته وبرهانيته ذلك أن العقل في حركته الاستدلالية لا يمكن أن ينتج إلا فهما محدودا محصورا بمقولاته ولكن الخيال غير ملتزم بمقولات معينة.